شــ@ــد 05-07-2010 06:35 AM |[ متذوق أدبي ]|   لا شك أن للنص الأدبي أثراً واضحاً وملموساً في جوانب الحياة المتنوعة , وباستقراء النصوص الأدبية نلاحظ بأنها تلامس وتلتقي بأشقائها العلوم الأخرى , إذ يتقاطع معها في علاقة تبادلية يُشار لها بالبنان, ويصرح بها قواميسُ الكيان ، في لُغة ترقى بالعلوم الجامدة إلى فضاءات الحرف الأدبي , وتتقاطر منها ينابيع السحر وفيض المشاعر , وتستقي منها سرادق الإشادة توضيحاَ . الأدب كان ولا يزال مزهواً بخيلائه ، يفرش سجادته الحمراء يقينا ، يبادر بأوردته كُل صولة من حرف وجولة ، تتماشى خطواتهِ بأرجوحةِ الخرائط سمواً ، يسكنُ في أوطن سمواتهِ بَلسماً يَسري بأروقةِ النصِّ، لينطق قرناؤه بسملة الشكر على مَر العصورِ لا نكرانا ! |[ التاريخ والأدب ]| فباحث التاريخي مثلاً : أفاد كثيراً من النصوص الأدبية في الإشارة إلى بعض المواقع الحربية , إذا وجد عند هذا الشاعر أو ذاك وصفاً دقيقاً لمعركة حربية , صور الشاعر فيها أحداثاً تاريخية هامه مثلما نجد عند أبي تمام في قصيدته " فتح عمورية " التي خلد فيها معركة تاريخية إسلامية ضد عدوه اللدود .. ( الروم ) فقال في بعضٍ منها : فَتْـحُ الفُتـوحِ تَعَالَـى أَنْ يُحيـطَ بِــهِ نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْـرٌ مِـنَ الخُطَـبِ فَتْـحٌ تفَتَّـحُ أَبْـوَابُ السَّـمَـاءِ لَــهُ ِيَـا يَـوْمَ وَقْعَـةِ عَمُّوريَّـةَ انْصَرَفَـتْ مِنْـكَ المُنَـى حُفَّـلاً مَعْسُولَـةَ الحَلَـبِ أبقيْتَ جِدَّ بَنِـي الإِسـلامِ فـي صعَـدٍ والمُشْرِكينَ ودَارَ الشـرْكِ فـي صَبَـب |[ الجغرافيا والأدب ]| وباحث الجغرافيا أفاد أيضاً من بعض النصوص الأدبية في ذكر أسماء المواضع و الأمكنة والمياه والجبال , وما قصائد المعلقات عنّا ببعيدة ! إذ نجد أ أصحابها وصفوا هذه الأمكنة شعرياً , فأشاروا إليها بما يخدم عملهم الشعري , فجاء باحث الجغرافيا وألتقط هذه الصور, وتلك الإشارات ووظفها بما يخدم مجاله , و لنقرأ لمعلقة امرؤ القيس التي يقول في مطلعها : قِفا نبك من ذِكرى حبيب و منزل بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَ،وْملِ فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ لما نسجتْها من جَنُوب وشمـالِ فَكُل ما ذكره الشاعر من : ( سقط اللوى – الدَّخول – حومل - توضح - المقراه ) هي أسماء مواضع في ديار بكر, وهي ماتزال باقية إلى اليوم ! (فسقط اللوى) كثيب طرفه من جهة الغرب قريب حومل , وطرفه من جهة الشرق قرب الدخول ; والدخول ماءٌ عذبْ , وحومل جبل , وهما معروفان إلى اليوم بهذا الإسمين , ( والمقراه ) وادٍ يسميه أهل نجد اليوم بـ القمرا و ( توضح ) أرض قريبة من الهضب تسمى اليوم بـ التوضيحات . بلا شك أن مثل هذا النص ساعد كثيراً من الباحثين في علم الجغرافيا في تحديد الأمكنة والمواضع . |[ علم النفس والأدب ]| ومما يندرج تحت علم النفس الطفولة نجد نصوصاً أشارت إلى بعض سلوكيات الأطفال الخاطئة التي نتجت بسبب تقليدهم لبعض سلوكيات آبائهم ويمكن أن نستشهد على ذلك بقول الشاعر : مَشَى الطاووسُ يوماً باعْوجاجٍ .. فقلدَ شكلَ مَشيتهِ بنوهُ فقالَ علامَ تختالونَ ؟ فقالـوا : .. بدأْتَ به ونحنُ مقلِدوهُ فخالِفْ سيركَ المعوجَّ واعدلْ .. فإنا إن عدلْتَ معدلوه أمَـا تدري أبـانا كلُّ فـرعٍ .. يجاري بالخُطى من أدبـوه وينشَـأُ ناشئُ الفـتيانِ مِّنـا .. على ما كان عوَّدَه أبــوه فهذه نقطة نفسية تتوغل في بعض سلوكيات الأطفال التي تحتاج إلى تعديل ومعرفه أسبابها !! فالشاعر يعلل سبب مشية هؤلاء الأبناء والتي آثآرت تعجب والدهم بأنهم مقلدون لمشية والدهم ,, فالطفل على ما رأى من والده ينشأ ! وينشَأُ ناشئُ الفتيانِ منا .. على ما كان عوَّدَه أبــوه |[ الطب والأدب ]| أما علاقة النص الأدبي بعلم الطب فهي واضحة وجلية أيضاً في كثير من النصوص الأدبية الشعرية منها والنثرية , فكم من شاعر أشار إلى بعض الحقائق الطبية وإلى بعض الحالات المصاحبة لبعض العوارض المرضية , ويكفي أن نقرأ لقول الشاعر الكبير المتنبى وهو يصف الحمى قائلا : وزائِـرتي كـأن بها حيـا .. فليس تزور إلا في الظلام بذلت لها المطارف والحشايا .. فعافتها وباتت في عظامي يضيق الجلد عن نفسي وعنها .. فتوسعه بأنواع السقام إذا ما فـارقتني غسـلتـني .. كأنا عاكفان على حرام كأن الصبح يطردها فتجري .. مدامعها بأربعة سجام وحقيقة ما نشعر به فالحمى تزداد وتزداد , بل تشتد في الليل ! وكلما اشتدت كلما دخلت وتوغلت في العظام ,. حتى لا يتسع لها الجلد وتضيق بها الأنفاس وعندما تنتهي وتغادر المريض فإنها تعطيه علامة وهي كثرة العرق , فكأنها تغسله مما يوجب الغسل منه . ومتى يكون موعد المغادرة ؟ إنه الصُبح ! فكأن الصُبح يطرحها ولا تملك إلا أن تسكب الدموع الغزار حُزناً على فراقه . |[ الدعوة والأدب ]| وفي علاقة تبادلية بين النص الأدبي ومجال الدعوة نجد نصوصاً عديدة وكثيرة تثري صاحب الدعوة في مجال عمله فيدعو الناس بجُملهِ أمور تعيدهم إلى جادة الطريق , وإلى درب الهداية و الإيمان , ومن ذلك نمثل بقول الشاعر أبي الوليد الياجي : تبلغ من الدنيا بأيسر زاد .. فإنك عنها راحلٌ لمعاد ِ وغُضَّ عن الدنيا وزخرف أهلها .. جُفُونك وأكحلها بطيب سهاد ِ وجاهد على اللذات نفسك جاهداً .. فإن جهاد النفس خيرُ جهاد فما هذه الدنيا بدارُ إقامةٍ .. فيـتعَّد من أغراضها بعتاد ِ وما هي إلا دار لهوٍ و فتنةٍ .. وإن قصارى أهلها لنقاد ِ |[ الكيمياء والأدب ]| ومما يمكن أن نمثل به من نصوصٍ نثريةٍ يتضح فيها علاقة النص الأدبي بالعلوم الأخرى بشكل عام مانقرأة لابن زيدون في رسالته الهَزّلية الموجهة لخصمه ابن عبدوس يقول فيها : [ وأن الحجاج تقلد ولاية العراق بجدِّك , وقتيبة فتح ما وراء النهر بسعدك , والمهلب اوهن شوكة الازارقة بأيدك , وفرق ذات بينهم بكيدك , وأن هرمس اعطي بلينوس ما اخذ منك , وافلاطون اورد على ارسطاطاليس ما نقل عنك , وبطليموس سوى الاسطرلاب بتدبيرك , وصور الكرة على تقديرك , وبقراط علم العلل والمراض بلطف حسك . . . . . . . . ] ففي هذا النص تتضح ثقافة الأديب الواسعة , المطلعة على أبرز العلماء في مجالات العلوم المتنوعة , والأديب لم يسرد أسماء هؤلاء العلماء سرداً علمياً جافاً , إنما ساقها في قالب أدبي ساخر , بينت أصل هذه العلوم وأصحابها البارزين . يبقى للنص الأدبي مذاقه الخاص ورونقه الأخآذ فبوجوده تحلق النفوس إلى عالم الجمال , ويتشح الكون بهاءً وضياءً . فكم من نص أدبي هذب النفوس ,! وكم من نص أدبي زرع الأمل و التفاؤل في القلوب الواهنة ,! وكم من نصٍ أدبي أضفى روح المحبة , فساهم في لم الشمل والوقوف على عتبات اللقاء بعد الوداع .

خواطر شوق 05-07-2010 11:04 AM ودي qallb

Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.

جميع مايكتب هنا تدل على كاتبها ولاتدل على منتديات أشواقنا تحكي والله الموفق

Security team